ا
الحفريات الاسرائيلية بجوار المسجد الاقصى
حذر تقرير صادر عن مؤسسة القدس الدولية من خطورة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى التي تستهدف هدمه والاستيلاء عليه وبناء هيكل سليمان المزعوم علي أنقاضه لافتا إلي أن هذه الاعتداءات تسير وفق مخطط زمني مدروس وأن هذا المخطط قطع شوطا كبيرا علي طريق التنفيذ .
تقرير المؤسسة الذي يحمل عنوان 'عين على الأقصى' جاء ليواكب الذكري السنوية لإحراق المسجد الأقصى المبارك على يدي المتطرف الصهيوني مايكل روهان في21/8 / 1969 بهدف رصد الاعتداءات على المسجد الأقصى خلال الآونة الأخيرة ورسم صورةٍ متكاملةٍ لمشروع الاستيلاء على المسجد الأقصى، استرشادا بالتحولات اللافتة في المواقف الدينية والسياسية والقانونية لدى سلطات الاحتلال خلال العامين المنصرمين.
وأشار التقرير إلي التغيير الذي لحق فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى فبعد أن كانت الغالبية من الحاخامات اليهود تتبني منذ عام 1967الرأي القائل بتحريم دخول اليهود إلى المسجد الأقصى الذي يسميه الحاخامات 'جبل الهيكل' إلا أنه مع حلول عام 2007 تشكلت مجموعة لا تقل عن 16 حاخامًا من أبرز حاخامات دولة الاحتلال وأكثرهم تأثيراً اخذوا يطلبون من مناصريهم اقتحام المسجد الأقصى والصلاة في 'جبل الهيكل'.
ورصد التقرير ازديادًا تنظيميًّا وعدوانيًّا تجاه الأقصى من قبل هؤلاء الحاخامات ومناصريهم مشيرا إلي انه على الصعيد السياسي، أصبح الاعتداء على المسجد الأقصى النقطة الجامعة بين مختلف الأطراف والأطياف السياسية في دولة الاحتلال، وعمليًّا فإن السلطة السياسية شكلت غطاء طوال العامين الماضيين لسلطة الآثار ومختلف الجمعيات الاستيطانية للعبث في المسجد الأقصى.
ولفت التقرير إلي أن التطور الأبرز على هذا الصعيد هو تبني السلطة الرسمية في دولة الاحتلال لبعض الأعمال العدائية تجاه الأقصى والإعلان عنها، ولا سيما الحفريات التي بدأت بها لهدم طريق باب المغاربة في6/2/ 2007وهو احد الأبواب المهمة الموصلة للاقصي.
على الصعيد القانوني، يتحدث التقرير عن الغطاء الذي أمنته المحكمة العليا الإسرائيلية للمتطرفين اليهود لاقتحام المسجد لأقصى وأداء الطقوس اليهودية فيه بعدما كسرت القيد المفروض عليهم الذي كان مستمرا منذ عام 1967وهوماوصفه التقرير بأنه لا يعدو كونه توزيع أدوار بين الأطراف المختلفة السياسية والدينية والقانونية في الكيان الصهيوني للوصول إلى هدف مشترك وهو خلق 'أورشليم المقدّسة' وفي القلب منها تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود في أقرب وقت ممكن.
وأوضح التقرير أن هناك تسارع محموم لعمليات الحفريات أسفل الأقصى وفي محيطه، حيث تم رصد زيادة ملحوظة في الأعمال التي تقوم بها فرق الحفريّات التابعة لدولة الاحتلال والجمعيّات المتطرّفة في 7 مواقع من أصل 18 موقع تجري فيها الحفريّاتٍ، وقد توزّعت هذه الحفريّات الهادفة لإنشاء مدينةٍ يهوديّة يزعم أنها 'مدينة داوود' تحت الأرض على مختلف جهات المسجد الأقصى.
ولفت إلي أن اخطر الحفريات تتم حاليا في الجهة الجنوبيّة للمسجد لما يسمي بـ 'الطريق الهيروديانيّ' الذي يمتدّ لمسافةٍ تزيد على 600 متر ويربط ساحة البراق بالمدخل الجنوبيّ 'لمدينة داوود'أمّا الجهة الغربيّة للمسجد، فيرصد التقرير10 مواقع للحفريّات أكثرها نشاطًا شبكة أنفاق الحائط الغربي أسفل الاقصي .
وفي الجهة الشماليّة – يشير التقرير- إلي تركز نشاط الحفريات في منطقة المدرسة العمريّة الملاصقة لدرب الآلام، حيث موقع 'بركة القبّرة' بهدف ربط التاريخ اليهودي المزعوم للمدينة بتاريخها المسيحيّ، وتوحيد الجولات السياحيّة بين المزارات المسيحيّة والمدينة اليهوديّة لتظهر كجزءٍ لا يتجزّأ من مدينة القدس.
إضافةً إلى الحفريّات فإنّ التقرير يرصد محاولة الاحتلال توسيع وجوده في ساحات ومحيط المسجد الأقصى بشكلٍ كبير ويبرز في هذا الإطار بدء الاحتلال في شهر فبراير 2007 بهدم طريق باب المغاربة المدخل الجنوبي للمسجد وإقرار خطّة لبناء جسرٍ حديديّ مكانه بمسارٍ يصل مدخل ساحة البراق بباب المغاربة.
حفريات اسفل المسجد
كما يلفت التقرير إلى خطورة مخطط الاحتلال بناء كنيس في حارة باب الواد غرب سوق القطّانين، أحد أبواب المسجد الأقصى، ويَذكر أنه من المفترض أن يتحول هذا الكنيس إلى معهدٍ دينيّ يهودي من 4 طبقات وستعلوه قبّةٌ ضخمة، وبالتالي سيكون هذا البناء أعلى بكثير من كلّ المباني المحيطة، وسيُغطّي قبّة الصخرة بالكامل للناظر من جهة حارة الشرف 'الحيّ اليهوديّ'، ومن الجهة الجنوبيّة الغربيّة للحيّ الإسلامي في البلدة القديمة.
الجهة الشرقيّة للمسجد الأقصى لم تسلم هي الأخرى من اعتداءات الاحتلال فقد صادرت سلطات الاحتلال في منتصف عام 2008 أكثر من 800 متر مربّع من أراضي مقبرة باب الرحمة المُلاصقة للسور الشرقي .
ويشير التقرير إلي شكلين أساسيّين من تدخل سلطات الاحتلال : أوّلهما التدخّل في عمل إدارة الأوقاف التابعة للحكومة الأردنيّة والتي من المفترض أن تكون صاحبة الحقّ الحصري بالعمل في المسجد الأقصى، والثاني هو التدخل في حركة المصلين.
ولفت إلي أن الاحتلال منع إدارة الأوقاف من ترميم التشقّقاتٍ الخطيرة الموجودة في الجدار الجنوبيّ للمسجد، كما منعها من إعادة تبليط المواقع التي حُفرت خلال مشروع إعادة تأهيل شبكة الكهرباء الرئيسة في المسجد الأقصى. يُذكر أن الاحتلال يمنع إدارة الأوقاف من القيام بأي عمل قبل الحصول على إذن من سلطة الآثار التابعة له.
أما بالنسبة إلى التدخل في حركة المصلين فقد أوضح التقرير أن الاحتلال ما زال يمنع المصلّين من الضفة الغربية وغزة من الوصول إلى الأقصى وذلك منذ عام 2000م ، كما يقيد ويراقب حركة المصلّين القادمين من القدس والأراضي المحتلة عام 1948 م في محيط المسجد وداخله، وذلك من خلال الكاميرات والمجسات الحرارية الموزّعة في أرجاء المسجد ومنع من هم دون الـ 45 عامًا من الصلاة في المسجد في أحيان كثيرة.
يخلص التقرير إلى عدد من التوصيات يوجهها إلي كل المهتمين بالمسجد ومصيره ومستقبله، في مقدمتها ضرورة التحرّك الشعبي الواسع ردّاً على أي اعتداء مقبلٍ على المسجد لتعديل اتجاه مؤشر الربح والخسارة لدى الاحتلال، والذي يبني عليه موقفه وتحركاته تجاه المسجد، ورفع الوعي لدي المسلمين في كل مكان بكل ما يحصل للمسجد الأقصى.
ودعت التوصيات إلي الانطلاق من ردات الفعل الانفعالية المهمة في وقتها، إلى ردات الفعل المدروسة والمنظمة والطويلة الأمد بعيدًا عن الاستخدام السياسي الضيق وتفعيل الدور الهام الذي يلعبه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 وأهل القدس، ودعا إلى مضاعفة الجهود عبر المشاريع التي تضمن حماية الأقصى وتشجيع أهالي القدس العرب علي البقاء ومواجهة محاولات طردهم من بيوتهم في القدس الشرقية .
كما دعا الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أن لا يشغلهم شاغل عن الأقصى المهدد. وأن تحرص قوى وفصائل المقاومة علي توحيد جهودها ووضع استراتيجية مدروسة لمواجهة الخطوات الممنهجة التي ينفذها الاحتلال لتهويد المسجد.
ودعا التقرير في توصيته للسلطة الفلسطينية إلى وقف عقد اللقاءات والمفاوضات مع الاحتلال في مدينة القدس، خصوصاً وأن القيادة السياسية للاحتلال هي اللاعب الأساس اليوم في خطوات السيطرة على المسجد.
وطالبت التوصيات الحكومات العربية والإسلامية بالتعامل مع المسجد الأقصى باعتبارها قضية جوهرية للأمة وليس قضية داخلية تخص الفلسطينيين وحدهم ما يعني ضرورة البدء بخطوات عملية لحماية الأقصى.
وتدعو التوصيات الإعلاميين ووسائل الإعلام بضرورة إيلاء المسجد الأقصى والقدس عمومًا اهتمامًا فريدًا يعدو التعامل مع أخبار القدس كأخبار عادية، وبالتالي فهي مدعوة إلى تسليط الضوء بشكل مستمر على شؤون وشجون المسجد الأقصى والقدس في مختلف البرامج.