كن متسامحاً عفواً متعاطفاً مع الغير، ولا تكن متهكماً متغطرساً متعالياً مع البشر، فأنتَ خُلقتَ من طين مثلهم، والفرق بينك وبينهم في شخصيتك ونُبل أخلاقك ورفعة مبادئك وترفعك عن كل ما يؤذي غيرك، فالحسنات فرص وضاءة أمامك لتُرشدك، والسيئات طلقات رصاص هدامة تؤدي إلى تعاستك.
لا تقل أنا طيب فالكل طيبون! ولا تقل أنا متعب فالكل متعبون! ولا تقل أنا حزين فالكل حزينون! بل قل فقط الحمد لله صباحاً ومساءً، ليخف أنينك وتضمحلّ أوجاعك وتقل أمطاردموعك فالدموع الحقيقية هي التي ذرفت من خشية الله ببريقها وجمالها رغم حرارة هطولها، وليست دمعة من أجل دنيا أو صداقة أو حب أو فشل، وكل فشل يعقبه شعاع نجاح وضّاء يلهمك بإكمال الدرب من جديد دون أن تسقط، وتعلو بالقلب إلى سماء النبض من جديد، فتنفس وانبض وقف لأنكَ لم تمت.
رطب لسانك بذكر الله واستغفاره والدعوة دوماً بهدايته لك، فالقلب متقلب، والمغريات حولك، عن يمينك ويسارك وفوقك وتحتك، وربما لا تشعر بها لأنكَ محاط بها في زمن اللاشعور بالأشياء والأمور الحاصلة، فاجعل الدعوة على لسانك دوماً، وكن بثيابِ الاستغفار متحلياً.
لا تذكر الماضي فهو السيف القاطع للعنق، والصديق الوفي للقلق، والفاتح لسبل الأرق، بل تقدم بعزيمتك ورغبتك وصمودك وهمتك وثقتك الكبيرة بالله ثم بقدرتك على تحقيق أمور تخصك، فتقدمك مفتاح نجاحك وتذكرك للماضي مفتاح فشلك، وستُقعد في كرسي متحرك بلا اجتياز لأزمة الماضي الأليم، ومُحاطاً بالمخاوف التي ستودي بحياتك، فالسفينة أمامك لتنجيكَ من الغرق، وربما تأتيكَ صورة ماضٍ بشع تذكرها فجأة كشبح أسود عليك أن تحاربه بلحظتها وتطمسه لتواصل مسيرة حياتك، فالحياة لم تتوقف والثواني لم تتوقف ونبض قلبك لم يتوقف عن الحياة ولكن ضعفك هو الذي يوقف قوتك
ويقول لكَ بهمس عدو لا يحبك: اضعف واستسلم فأنتَ عبد لي وأنا ملكك، أنت تحت سيطرتي المغناطيسية وأنا من أديرك وأوجهك! يا لكَ من سخيف وأحمق! فتُصبح شخصيتك رهينة الضعف، رفيقها الخوف، تحتضنها الكسرة والحسرة على عمر فائت تربعت مع أحزانه مدمراً واصباً منهكاً فلا تذكر ماضيك، بل انحره قبل أن ينحرك.
هناك هفوة تذكر للماضي دعها تمر قليلاً لا بأس من مرورها أمامك ولكن لا تعطها القبول فتكون عليك وبالاً، ولا تستقبلها كي لا تأنس بك ولا تناظرها أو تخاطبها كي لا تثير آلامك وتوقظ أحزانك. اجعلها كابوسا مؤقتا لا دائما كي تنام بهدوء في كون الأحلام السعيدة.
اعزل ذاتك عن العالم وقل: من أنا؟ وماذا قدمت من قوائم أعمالي؟ وأين صرفتُ جميع أموالي؟، حاسبها وراجع أوراقك المضيئة بأعمال خيرك ستجد الابتسامة بكل أجزائك مستبشرة ومتّقدة، وراجع أوراقك المظلمة بغفلتك وسهوك فستجد الحزن يغشاك من كل حدب وصوب. وهناك أوراقفارغة من حياتك تنتظرك لتعبئتها فلا تتركها فارغة أبداً، بل اجعلها مضيئة لا مظلمة، بصمة باقية إلى حين موتك، لا حقنة قاتلة تودّي بحياتك.
-------------------
تحياتي