الحمد لله الذي أعظم علي عباده المنة, بجعله الصوم لهم جنة, وفتح لهم أبواب الجنة, وشرع لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم صدقة الفطر في صحيح السنة ... أما بعد: زكاة الفطر تتميز عن غيرها بأنها زكاة
اعلي الأشخاص, وتلك زكاة على الأموال, ولهذا لا يشترط فيها ما يشترط في الزكوات الأخرى من ملك النصاب أو مرور الحول، وهذا بعض ما جاء حولها من أحكام.حكمها:واجبة عند عامة أهل العلم لما ورد عن البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير علي العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر أن تؤدي قبل خروج الناس إلي صلاة العيد".وعند البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نخرج زكاة الفطر إذا كان فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط (اللبن المجفف)" وفي رواية "وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر".وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر طهره للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" [صحيح الجامع (3570)].حكمتها: - طهرة للصائم من اللغو والرفث؛ فهي تخلص الصوم مما شابه من قصور وتقصير. - طعمة للمساكين؛ فهي تكفهم عن طلب القوت هذا اليوم ليتفرغوا لمشاركة المسلمين في شهود الصلاة وفرحة العيد.وبعض الناس يظن أن زكاة الفطر ينبغي أن يشتري منها الفقير ملابس العيد وغيرها, وهذا لا دليل عليه وإنما الثابت ما سبق ذكره, ثم أن هناك صدقات عامة وزكاة المال وغيرها مما يمكن أن يساهم في علاج مشكلات الفقراء وليس زكاة الفطر.وقت إخـراجها:أفضل وقت لإخراجها عقب صلاة الفجر يوم العيد ويجوز تقديمها قبله بيوم أو يومين لما رواه البخاري عن ابن عمر قال: "كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين".هذا لمن أراد أن يخرجها بنفسه , أما إن وكّل غيره في إخراجها فيجوز أن يعطيها لهم من أول الشهر وهو يقومون بإخراجها في الوقت المفضل.وهذا موافق لحكمة مشروعيتها فإنها طهره للصائم فيكون قد انتهي من الصيام.ولا يجوز تأخيرها بعد الصلاة ومن فعل ذلك فهو آثم، وعليه أن يدفعها للفقير، وتكون صدقة من الصدقات كما مضي في حديث ابن عباس وعليه أن يستغفر ويتوب لتضييعه الوقت.مقدارها:كما جاء في الأحاديث صاع من طعام والصاع أربعة أمداد وهو ما يقارب مليء علبة السمن زنة 2 كجم أما الوزن فيختلف باختلاف الحبوب .الأجناس التي تخرج:المعتبر في زكاة الفطر هو الصاع وليس القيمة والوزن علي أنها تخرج من غالب قوت البلد بما يتناسب مع حالة الفرد المادية فمنهم من يناسبه الأرز أو القمح أو الفاصوليا أو اللوبيا، ولا يجوز إخراجها قيمة مالية لما ثبت في الأحاديث, ولا شك أن إخراج الطعام أحوط وفيه اتباع للنبي صلي الله عليه وسلم وخروج من الخلاف, والمسلم مطالب بأن يترك ما يريبه إلي ما لا يريبه وهي عبادة أوجبها الرسول صلي الله عليه وسلم طعمه للمساكين ففي إخراج الطعام أداء للزكاة عند جميع العلماء أما إخراج القيمة فإنها لا تجزي عند أكثرالعلماء.أخي الحبيب.....لا تقل ماذا يستفيد الفقير من الحبوب وهو يحتاج إلي المال؟، فأقول لك:أولاً: الزكاة عبادة يجب عليك أن تقوم بها كما شرعها النبي صلي الله عليه وسلم لتبرأ ذمتك.ثانياً: كونها طهرة لك لا تتم إلا بموافقة الشارع وأن تكون علي الصفة التي أداها بها.ثالثاً: لقد جعلت طعمه للمساكين فوافق مراد النبي صلي الله عليه وسلم, أزف إليك بعض أقوال عن العلماء الأمة بهذا الشأن:قال ابن حزم: "لا تجزيء قيمة أصلا لأن ذلك غير ما فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم".قال الشافعي: "لا تقوم الزكاة ولو قومت كان لو أدي صاع زبيب كان كمن أدي ثمان أصع حنطة".قال لأحمد بن حنبل: "قوم يقولون عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة"، قال: "يدعون قول رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقولون قال فلان!!".علي من تجب؟تجب زكاة الفطر علي حسب عدد الأشخاص من المسلمين فعند الجمهور يجب أن تخرج عن كل من ينفق عليه الأب من أفراد الأسرة ولو كان مولوداً قبل غروب شمس أخر يوم من رمضان بلحظة, وكذلك من أفطر طول رمضان بعذر كشيخ كبير أو مريض أو نفساء.وهي واجبة حتى علي الفقير إذا وجد ما يزيد عن قوت يوم العيد له ولأسرته, ولو كان هذا الزائد أقل من الواجب فإنه يخرج ما عنده ويجزئه ذلك.وفي هذا حكمة تربوية فهي تعطي الفقير فرصة ليدرب نفسه علي السخاء ويذوق حلاوة العطاء.أين تخرج؟زكاة الفطر تابعة للشخص فهو يخرجها في المكان الذي يفطر فيه ويصلي العيد فمن كان ذاهباً للعمرة فعليه أن يتحري مكانه أخر يوم من رمضان فيخرجه فيه وإن شك فيوكل عنه من يخرجها في بلده حتى لا يضيق عليه الوقت لاسيما يسافر إلي العمرة براً.لمن تخرج؟الصحيح أن صدقه الفطر تعطي للفقراء والمساكين ويجوز أن يخرج الإنسان صدقته لفقير واحد ويجوز أن يقسمها بين عدة فقراء. كما يجوز أن يأخذ أن يأخذ الفقير زكاة الفطر من أكثر من شخص.هل يجوز الزيادة عن الصاع؟اعلم أخي المسلم أن قيامك بحساب زكاة الفطر عبادة تؤجر عليها, ثم أنه يجوز لك أن تزيد ما تشاء.وفقنا الله وإياكم لموافقة السنة والعمل بها