يا أم الشهيدِ لا تبكي على الشهيد ، لا تقولي قد رحل ، بل أحبه الله فطلبه و اختاره الله
فاصطفاه عنده ، ما أحلاها من قطرات ، تلك الدماء الزكية التي سالت هناك في ثورة الشباب و الشيوخ و النساء ، في ثورة الحقِّ و القوةِ و الحرية ،شهداء تونس ، شهداء مصر ، شهداء ليبيا و قبل هذا شهداء فلسطين ، هم يحبون الحياة ، لكنّ حبهم للقاء الله أكثر ، هل تظنوا الشهيد شخص عادي ، لا و اللهِ إنه صفوة الصفوة ، إنه يعلم جيداً أنّ ماعند اللهِ خير و أبقى ، يعلم أنّ ما عند اللهِ نعيم مقيم ، جنان و أنهار ، حور و ثمار ، " فواكه مما يتخيرون ، و لحمِ طيرٍ مما يشتهون ،و حور عين ، كأمثالِ اللؤلؤ المكنون " كماقال رب العالمين ، و روح و ريحان و جنة نعيم ، الشهيد ملاك يمشي على الأرض ينتظر اللقاء ينشر عطره في بقاع الأرض يبحث عن الكرامة ، يأبى الذل و الهوان ، لا يحب أن يكون في ذيول القوافل ، الشهيد يا فرحةَ أمه به ، يا فرحةَ و الده به ، يا فرحةَ زوجتهِ به ، يا فرحةَ إبنهِ به ، الشهيد نور و أنوار ، ضوء و ضياء ، الشهيد كل مترادفات اللغة العربية الجميلة ،الشهيد يغني قائلاً :
إنني ما سئمت الكفاح ، و لا ألقيت عنّي السلاح ، فمَن للضحايا يداوي الجراح ، و يرفع رايتها من جديد ، الشهيد هو عنوان للهمم العالية و للثورةِ و الثوار الذين هم لهيب و نار على كلِّ الظالمين و الأشرار ،الشهيد هو الأول في صلاة الفجر في جماعة ، هو الأول في عمله ، هو الأول في جامعته ، هو الأول في مصنعه ، هوَ الأول في متجره ، هو الأول في ميادين القتال ، يومَ لقاء العدو ، الشهيد هو الأول في برِّ الوالدين ، الشهيد هو الأول في النخوة و المروءة و الكرم ، الشهيد الشهيد الشهيد فزغردي أمَّ الشهيد ، الشهيد لا يعجز الشعراء و لا الأدباء و لا المفكرين ، و لا الفلاسفة و لا العلماء و لا الطلاب و لا الكبار و لا الأطفال و لا الشيوخ و لا النساء عن وصفه لأنه الشهيد الذي وصفه الله قبل أن يصفه أحد فقال " مِن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا " و قال " و لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل اللهِ أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم و لا هم يحزنون ، صدق الله العظيم ،الشهيد تاج على رؤوسنا فلماذا الاستكانة و الخضوع و الركوع ، لماذا الذل و الهوان لماذا التقاعص و الخذلان ؟؟؟و أول الطريق يا أحبتي هو صلاة الفجر في جماعة لأنها أخلاق الشهداء ، يقول الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي في بيت شعر :
مَن خان حيَّ على الصلاةِ *** خانَ حيَّ على الكفاح
رحمة الله على الشهداء ، اللهم اجعلهم في الجنان ، يشربون من نهر الريان و ألحقنا بهم هداةً مهديين ، لا ضالّين و لا مضلِّين ......لأنهم الشهداء لن تتوقف السطور و لا الكلمات ، ستبقى ترتوي بدمائهم الزكيّة لتعبرَ عن الحبِّ و العرفان لهم