[b]ظهر مصطلح الحكم الراشد في اللغة الفرنسية في القرن 13 كمرادف لمصطلح « الحكومة » ثم كمصطلح قانوني (1978) ليستعمل في نطاق واسع معبر عن " تكاليف تسيير"، وبناء على أساس هذا التعريف، ليس هناك شك أو اختلاف حول الأصل الفرنسي للكلمة . – كلمة الحاكمية أصلها انجليزي فهو مصطلح قديم، أعيد استعماله من قبل البنك الدولي في منتصف الثمانينات.2) والحكم الصالح "الراشد" يقصد به: إنشاء مؤسسات سياسية وقضائية وإدارية تؤدي عملها بكفاءة وتخضع للمساءلة وينطوي على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون بصفة عامة. ويعرف البنك الدولي مفهوم الحكم الصالح، بأنها الطريقة التي تباشر بها السلطة في إدارة موارد الدولة الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية، ويبدو جليا أن هذا المفهوم يتسع لأجهزة الحكومة، كما يضم غيرها من المؤسسات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني. ويثير هذا المفهوم أهمية قواعد السلوك وشكل المؤسسات، وأساليب العمل المرعية بما تتضمنه من حوافز السلوك.
والحكم الراشد يرتكز على ثلاثة أبعاد مترابطة وهي البعد السياسي المتعلق بطبيعة السلطة السياسية وشرعية تمثيلها، والبعد التقني المتعلق بعمل الإدارة العامة وكفاءتها وفاعليتها، والبعد الاقتصادي والاجتماعي المتعلق ببنية المجتمع المدني ومدى حيويته واستقلال عن الدولة من جهة، وطبيعة السياسات العامة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي وتأثيرها في المواطنين من حيث الفقر ونوعية الحياة، وعلاقتها مع الاقتصاديات الخارجية والمجتمعات الأخرى.
وهذه الأبعاد الثلاثة بترابطها تنتج حكما راشد، ولا يمكن تصور إدارة عامة فاعلة من دون استقلالها عن نفوذ السياسيين ،وبنفس الوقت لا يمكن للإدارة السياسية وحدها من دون وجود إدارة عامة فاعلة من تحقيق انجازات في السياسة العامة، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإن هيمنة الدولة على المجتمع المدني وتغيبه ستؤدي إلى غياب مكون رئيسي في التأثير في السياسة العامة ومراقبة السلطة السياسية والإدارية ومحاسبتها ، ومن جهة ثالثة ، لا تستقيم السياسات الاقتصادية والاجتماعية بغياب المشاركة والمحاسبة وبغياب الشفافية ولا تؤدي إلى تحسين أوضاع المواطنين غير القادرين على تصحيح هذه السياسات لذلك فإن الحكم الصالح هو الذي يتضمن حكما ديمقراطيا فعالا ويستند إلى المحاسبة والمشاركة والشفافية.2- أسباب ظهور الحكم الراشد:
هناك عدة أسباب نذكر منها:
ü انتشار ظاهرة الفساد داخليا وعالميا دعى للتفكير في انتهاج آليات تجعل الحكم أكثر شفافية وتقلل من هذا الفساد.
ü فشل الدولة وعدم قدرتها على تحقيق حاجيات مواطنيها ولدعم الثقة في مؤسسات الحكومات.
ü الاهتمام بالتنمية خاصة التنمية المستدامة والتي لا بد أن تعتمد على حكم راشد يساعد على تحقيقها.
ü العولمة: حيث أن العولمة جاءت لزيادة معدل التشابه بين الدول والمؤسسات فقد أفرزت هذا المفهوم الغربي حيث تتبعه الدول النامية أي ما يسمى بعولمة الحكم الراشد باعتباره أحسن وسيلة وآلية لتحقيق التنمية والتطور وموالاة العالم المتقدم وذلك من خلال ما جاءت به العولمة من ربط الاقتصاد المحلي بمؤسسات التمويل الدولي والبنك الدولي وأبرزها "صندوق النقد الدولي" و" البنك الدولي" و"
منظمة التجارة الدولية".3- معايير الحكم الراشد:
استندت دراسة البنك الدولي عن "الحكم الجيد" في منظمة الشرق الأوسط وشمال افريقي الى معيارين أساسين هما:
المعيار الأول:يشمل حكم القانون والمعاملة بالمساواة والمشاركة وتأمين فرص متساوية للاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة.
المعيار الثاني:يتضمن التمثيل والمشاركة التنافسية "سياسيا واقتصادي" والشفافية والمسألة والمحاسبة .
وفي بعض الدراسات الأخرى تم التركيز على ستة معايير للحكم الصالح هي: ١- المحاسبة والمسألة/ ٢- الاستقرار السياسي/ ٣- فعالية الحكومة/ ٤- توعية تنظيم الاقتصاد/ ٥- حكم القانون/ ٦- التحكم بالفساد.
أما منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية فركزت دراستها على المعايير الآتية: ١ - دولة القانون/ ٢- إدارة القطاع العام / ٣- السيطرة على الفساد/ ٤- خفض النفقات العسكرية/ ٥- التوافق/ ٦-المساواة وخاصة في تكافؤ الفرص /٧- الفعالية / ٨-المحاسبة / ٩- الرؤية الاسترتيجية . * المشاركة:وتعني حق المرأة والرجل بالتصويت وإبداء الرأي، حرية تشكيل الجمعيات.
*حكم القانون: يعني مرجعية القانون وسيادته على الجميع من دون استثناء.
* الشفافية: وتعني توفر المعلومات الدقيقة في مواقيتها وإفساح المجال للجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية والموثقة وإبراز أهمية المعلومات الإحصائية عن السياسة المالية والنقدية ،والاقتصادية لأهميتها لتصحيح وتصويب السياسات الاقتصادية.
* حسن الاستجابة: يعني قدرة المؤسسات والآليات على خدمة الجميع دون استثناء.
*التوافق: يعني القدرة على التوسط والتحكم بين المصالح المتضاربة من أجل الوصول على الإجماع أو سلم حول مصلحة الجميع.
*المساواة:تهدف إلى إعطاء حق للجميع النساء والرجال في الحصول على الفرص في الارتقاء من أجل تحسين أوضاعهم.
*الفعالية: تهدف إلى القدرة على تنفيذ المشاريع بنتائج تشجيعية لحاجات المواطنين.
* وجود نظام متكامل من المسألة والمحاسبة السياسية والإدارية.