عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب، أبو الأسود (توفي 39 ق.هـ/584م)، من بني وائل. شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات، من الطبقة الأولى، ولد في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشام ونجد. أمه هي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة[1]. كان من أعز الناس نفساً، وهو من الفتاك الشجعان، ساد تغلب، وهو فتىً وعمّر طويلاً. هو قاتل الملك عمرو بن هند ملك المناذرة. وذلك أن أم عمرو بن هند ادعت يوماً أنها أشرف نساء العرب فهي بنت ملوك الحيرة وزوجة ملك وأم ملك فقالت إحدى جليساتها: "ليلى بنت المهلهل أشرف منك فعمها كليب وأبوها المهلهل سادة العرب وزوجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وولدها عمرو بن كلثوم سيد قومه" فأجابتها: " لأجعلنها خادمةً لي". ثم طلبت من ابنها عمرو بن هند أن يدعو عمرو بن كلثوم وأمه لزيارتهم فكان ذلك. وأثناءالضيافة حاولت أم الملك أن تنفذ نذرها فأشارت إلى جفنة على الطاولة وقالت " يا ليلى ناوليني تلك الجفنة" فأجابتها: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها" فلما ألحت عليها صرخت: "يا ويلي يا لذل تغلب" فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم وكان جالساً مع عمرو بن هند في حجرة مجاورة فقام إلى سيف معلق وقتله به ثم أمر رجاله خارج القصر فقاموا بنهبه.
أشهر شعره معلقته التي مطلعها "ألا هبي بصحنك فأصبحينا"، يقال: إنها في نحو ألف بيت وإنما بقي منها ما حفظه الرواة، وفيها من الفخر والحماسة العجب . وقد اشتهر بأنه شاعر القصيدة الواحدة لأن كل ما روي عنه معلقته وأبيات لا تخرج عن موضوعها.
قال في ثمار القلوب: كان يقال: «فتكات الجاهلية ثلاث: فتكة البراض بعروة، وفتكة الحارث بن ظالم بخالد بن جعفر، وفتكة عمرو بن كلثوم بعمرو بن هند ملك المناذرة، فتك به وقتله في دار ملكه وانتهب رحله وخزائنه وانصرف بالتغالبة إلى خارج الحيرة ولم يصب أحد من أصحابه».
من شعره معلقته الشهيرة:
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَا وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَا
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَا
تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَا
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَا
صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْـرٍوٍ وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَا
وَمَا شَـرُّ الثَّـلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَا
وَكَأْسٍ قَدْ شَـرِبْتُ بِبَعْلَبَـكٍّ وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَا
وَإِنَّا سَـوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَـايَا مُقَـدَّرَةً لَنَـا وَمُقَـدِّرِيْنَا
قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَا
بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَا
وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَا
تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَـلاَءٍ وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَا
ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَا