أسماء الله الحسنى: هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وصفات كمال لله ونعوت جلال لله, وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله [1], يدعى الله بها، وتقتضي المدح والثناء بنفسها [2].
سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو إستأثر الله بها في علم الغيب عنده[3], لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد [4], وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله [5]، لا يعلمها كاملةً وافيةً إلا الله.
وهي أصل من أصول التوحيد في العقيدة الإسلامية لذلك فهي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوي يقينه [6]، والعلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم عند المسلمين، وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله [7].
إمتدح الله بها نفسه في القرآن فقال ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)﴾ (سورة طه), وحث عليها الرسول محمد فقال (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة) [8]
محتويات
[أخف]
* 1 أسماء الله الحسنى في القرآن
* 2 أسماء الله الحسنى عند المسلمين
* 3 أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
* 4 ما يجب في أسماء الله الحسنى
o 4.1 صحة الاطلاق
o 4.2 أسماء الله الحسنى كلها توقيفية
o 4.3 ما ثبت الدعاء به فهـو اسم من أسـماء الله الحسـنى
o 4.4 أسماء الله الحسنى وصفاته صادرة عن كماله
o 4.5 المَثَل الأعلى
* 5 دلالة أسـماء الله الحسنى
o 5.1 الدلالة العَلَمية
o 5.2 الدلالة الوصفية
+ 5.2.1 الدلالة الوصفية الخاصة
+ 5.2.2 الدلالة الوصفية العامة
o 5.3 الدلالة اللفظية
o 5.4 الدلالة المعنوية العقلية
* 6 هل هي من أسماء الله الحسنى ؟
o 6.1 الأسماء الجامدة
+ 6.1.1 ليست من أسماء الله الحسنى
+ 6.1.2 من أسماء الله
o 6.2 ماورد من الأسماء على وجه الإضافة أو التقييد
+ 6.2.1 لا يكون اسما بهذا الورود
+ 6.2.2 يكون اسما بهذا الورود
o 6.3 ماورد على وجه الإخبار لا على وجه تسمية الله
+ 6.3.1 ليست من أسماء الله الحسنى
+ 6.3.2 من أسماء الله الحسنى
o 6.4 ماورد على سبيل الجزاء والمقابلة والعدل والعقاب
* 7 إحصاء أسماء الله الحسنى
o 7.1 عدد أسماء الله الحسنى
+ 7.1.1 ليس لها عدد محدد
+ 7.1.2 محصورة في عدد معين
o 7.2 مناهج وطرق المسلمين في جمع أسماء الله الحسنى
o 7.3 اجتهادات في إحصاء أسماء الله الحسنى
o 7.4 الأسـماء المتضمنة صفة واحـدة
o 7.5 الأسـماء المقترنة
* 8 اسم الله الأعظم
* 9 اختلاف الطوائف في أسماء الله الحسنى
o 9.1 حقيقة الاختلاف
o 9.2 المصطلحات مدار الاختلاف
o 9.3 الطوائف المختلفة
+ 9.3.1 الجهمية
+ 9.3.2 السلفية
+ 9.3.3 الشيعة
* 10 المصادر
* 11 وصلات خارجية
[عدل] أسماء الله الحسنى في القرآن
ورد ذكر وجود أسماء لله وتسميتها بأسماء الله الحسنى في القرآن في أربعة أيات هي :
* (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)) (سورة الأعراف)
* (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)) (سورة الإسراء)
* (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)) (سورة طه)
* (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)) (سورة الحشر)
[عدل] أسماء الله الحسنى عند المسلمين
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري[8]، صحيح مسلم[9],مسند أحمد[10] ,سنن الترمذي[11],سنن ابن ماجه[12] :
أسماء الله الحسنى "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة"
أسماء الله الحسنى
.
« ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا » – الرسول محمد، [13]
« فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص.» – ابن القيم الجوزية، بدائع الفوائد [14]
« أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة، وبذلك كانت حسنى؛ فإنها لو دلت على غير صفة، بل كانت علمًا محضًا، لم تكن حسنى، وكذلك لو دلت على صفة، ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح، لم تكن حسنى. فكل اسم من أسمائه، دال على جميع الصفة، التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها.» – عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تفسير السعدي
«اعلم أن الحسنى في اللغة: هو جمع الأحسن؛ لا جمع الحسن، فإن جمعه: حسان وحسنة، فأسماء الله التي لاتُحصى؛ كلُّها حسنة، أي: أحسن الأسماء، وهو مثل قوله تعالى:﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)﴾ (سورة الروم).أي: الكمـال الأعظـم في ذاته وأسـمائه ونعـوته، فلذلك وجـب أن تكـون أسـماؤه أحسن الأسـماء؛ لا أن تكـون حسـنة وحسـانًا لا سـوى، وكم بين الحسن والأحسن من التفاوت العظيم عقلاً وشرعًا؛ ولغة وعرفًا » – ابن الوزير، العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم
[عدل] أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
1. معرفة الله تفرض عبادته والخشوع له: إن تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عمن سواه،[15]،وكلما ازداد العبد معرفة بربه، كانت عبادته أكمل[16],وهو أول فرض فرضه الله على خلقه: معرفته, فإذا عرفه الناس عبدوه [17],وأدى ذلك إلى اليقين بحق العبودية لله وأثمر الإخلاص له في عبادته[18].
2. معرفة الله سبب في محبته: تعتبر معرفة الله سبب محبته فتقوى المحبة على قدر قوة المعرفة وتضعف على قدر ضعف المعرفة بالله[19],وإن قوة المعرفة لله تدعو إلى محبته، وخشيته، وخوفه، ورجائه، ومراقبته، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد, ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتفقه في معانيها [20].
3. معرفة الله سبيل للتوكل عليه: أن معرفة الله والعلم بأن الله خالق الأسباب ومسبباتها ولا خالق غيره ولا مقدر غيره سبب قوي للتوكل على الله[21], كما أن العلم بتفرد الله بالضر والنفع، والعطاء، والمنع، والخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة كما تقتضي المعرفة بأسماء الله الحسنى يثمر لله عبودية التوكل عليه باطنًا وظاهرًا[22], ولأن الرزق بيد الله وحده كما تقتضي معرفة أسماء الله الحسنى، فعلى العاقل التوكل على الله والاعتماد بوعده فان الله كاف لعبده [23].
4. معرفة الله وسيلة إلى معاملته بثمراتها: من لوازم معرفة الله التضرع، والخوف، والذكر القلبي يمتنع انفكاكه عن التضرع والخوف[24], وفهم معاني أسماء الله هي وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء، والمهابة، والمحبة والتوكل وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات[25],كما يعتبر الخوف من الله من كمال المعرفة بالله لأنه لم يأمن مكر الله[26].
5. معرفة الله أكبر عون على تدبر كتاب الله: إن في تدبر معاني أسماء الله وصفاته أكبر عون على تدبر كتاب الله[27], وذلك لأن معرفة أسماء الله وصفاته وأفعاله يساعد على التدبر وفهم معاني القرآن وفيه مجالاً رحباً ومتسعاً بالغاً[28].
6. معرفة الله تورث الأدب مع الله: إن معرفة الله يورث حقيقة الأدب مع الله فلا يكون للعبد تقدير إلا ما قدر الله. ولا يكون له مع تقدير الله، إلا الطاعة والقبول والاستسلام، مع الرضى والثقة والاطمئنان.[29],قال ابن القيم: «إن الأدب مع الله تبارك وتعالى هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا. ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق علمًا وعملاً وحالاً» [30].
7. معرفة الله لها لذة يعرفها من عرف الله : إن لذة معرفة الله ومحبته وعبادته وحده لا شريك له والرضا به هو العوض عن كل شيء ولا يتعوض بغيره[31], فقد حكى عن على بن أبي طالب انه قال «لذة معرفة الله شغلتنى عن لذائذ طعام الدنيا»[23].
[عدل] ما يجب في أسماء الله الحسنى
[عدل] صحة الاطلاق
صحة الإطلاق شرط من شروط أسماء الله الحسنى, وفيه يجب أن يقتضي الاسم المدح والثناء بنفسه بدون متعلق أو قيدعادي[32], وميزان الأسماء الحسنى يدور على المدح بالملك والاستقلال وما يعود إلى هذا المعنى, وعلى المدح بالحمد والثناء وما يعود إلى ذلك, وكل اسم دل هذين الأمرين فهو صالح دخوله فيها [33],
* قال ابن القيم: «إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع والاستهزاء مطلقا، ولا ذلك داخل في أسمائه الحسنى، ومن ظن من الجهال المصنفين في شرح الأسماء الحسنى أن من أسمائه تعالى الماكر والمخادع والمستهزئ والكائد فقد فاه بأمر عظيم تقشعر منه الجلود، وتكاد الأسماع أن تصم عند سماعه، وقد غَر الجَاهل أنه وتعالى أطلق على نفسه هذه الأفعال، فإشتق له منها أسماء، وأسماؤه تعالى كلها حسنى فأدخلها في الأسماء الحسنى وقرنها بالرحيم والودود والحكيم والكريم, وهذا جهل عظيم فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقا، بل تمدح في موضع وتذم في موضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقاً، فلا يقال إنه تعالى يمكر ويخادع ويستهزئ ويكيد، فكذلك لايشتق له منها أسماء ويكتفى بها، بل إذا كان لم يأت في أسمائه الحسنى المريد والمتكلم ولا الفاعل ولا الصانع لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم، وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعال لما يريد، فكيف يكون منها الماكر والمخادع والمستهزئ. ثم يلزم هذا الغالط أن يجعل من أسمائه الحسنى الداعي، والآتي، والجائي، والذاهب، والقادم، والرائد، والناسي، والقاسم، والساخط، والغضبان، واللاعن، إلى أضعاف ذلك من الألفاظ التي أطلق تعالى على نفسه أفعالها في القرآن، وهذا لا يقوله مسلم ولا عاقل، والمقصود أن الله لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، وقد علم أن المجازاة على ذلك حسنة من المخلوق فكيف من الخالق سبحانة وتعالى» [34].
* قال ابن تيمية:«أسماء الله الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها» [35].
[عدل] أسماء الله الحسنى كلها توقيفية
إتفق علماء المسلمون بأن أسماء الله الحسنى كلها توقيفية, أي يجب الوقوف في أسماء الله على ما ورد ذكره في نصوص الشرع لا يزيد أحد على ذلك ولا ينقص منه, بل يكتفى بما وردت به نصوص الشرع لفظًا ومعنى, غير قابل للقياس, ولا التبديل بمرادف, ولا يؤدي إلى معناها غيرها وإن تقاربا في ظاهر الكلام.
* قال أبو سليمان الخطابي: «ومن علم هذا الباب, أعني: الأسماء والصفات ومما يدخل في أحكامه ويتعلق به من شرائط، أنه لا يُتجَاوز فيها التَّوقيف، ولا يُستَعمل فيها القياس؛ فيلحق بالشيء نظيره في ظَاهر وَضعِ اللغة ومتعارف الكلام, فالجواد: لا يجوز أن يقاس عليه: السخي وإن كانا مُتقاربين في ظاهر الكلام. وذلك أن السَّخي, لم يرد به التَوقِيف،... وقد جاء في الأسماء: (القوي) ولا يقاس عليه الجَلْدُ، وإن كانا يتقاربان في نعوت الآدميين, لأن باب التَّجلد يدخله التكلف والاجتهاد, ولا يُقاس على (القادر) المُطيق ولا المُستطيع لأن الطاقة والاستطاعة إنما تطلقان على معنى قوة البُنية وتركيب الخِلقة، ولا يقاس على (الرحيم) الرقيق, وإن كانت الرحمة في نعوت الآدميين نوعاً من رقة القلب, و(الحليم) و(الصبور) فلا يجوز أن يُقاس عليها الوقور والرزين. وفي أسمائه (العليم) ومن صفته العِلم؛ فَلا يَجوز قياسه عليه أن يُسمَّى عارفاً لما تقتضيه المعرفة من تقديمِ الأسبابِ التي بِها يُتوَصَّل إلى عِلم الشيءِ. وَكذلك لاَ يُوصَف بالعَاقِل. وَهذا البَاب يَجب أن يُراعى, ولا يُغفَلَ، فإن عائِدتَهُ عَظيمة, وَالجَهلُ بِهِ ضَار» [36]
* قال ابن القيم: «أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها, ولا يقوم غيرها مقامها, ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره, ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم, وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص, فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه, والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر, ومن صفات الإحسان البر الرحيم الودود دون الرفيق والشفوق ونحوهما, وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف, وكذلك الكريم دون السخي, والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل, والغفور العفو دون الصفوح الساتر, وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه» [37]
وإختلف علماء المسلمون في طريقة التوقيف في أسماء الله الحسنى كالتالي:
1. من يرى أنها من القرآن فقط.
2. من يرى أنها من القرآن والآثار الصحيحة فقط.
3. من يرى أنها من القرآن ومن السنة ومن إجماع المسلمين.
[عدل] ما ثبت الدعاء به فهـو اسم من أسـماء الله الحسـنى
فما ورد في القرآن أو في السـنة النبوية الصـحيحة، ودعي الله به فهو اسـم من أسماء الله الحسنى[32].
* قال ابن تيمية: «ومن أسمائه التي ليست في التسعة والتسعين: اسمه السبوح... وكذلك أسماؤه المضافه مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لاريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت الدعاء بها »[38].
[عدل] أسماء الله الحسنى وصفاته صادرة عن كماله
الله كامل بذاته وصفاته، وأسماء الله الحسنى وصفاته صادرة عن كماله، والمخلوق يسمى بعد فعاله.
* قال ابن القيم: : «فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن فعاله، فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل، فالرب لم يزل كاملاً، فحصلت أفعاله عن كماله، لأنه كامل بذاته وصفاته، فأفعاله صادرة عن كماله، كمل ففعل، والمخلوق فعل فكمل من الكمال اللائق به»[39].
[عدل] المَثَل الأعلى
ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، فهكذا الأسماء والصفات، لم يمنع انتفاء نظيرها ومثالها ومماثلها من فهم حقائقها، ومعانيها، بل قام بقلوب السلف معرفة حقائقها، وانتفاء التمثيل والتشبيه، والتعطيل عنها. وهذا هو المثل الأعلى الذي أثبته الله تعالى لنفسه فقال: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)﴾ (سورة الروم)، وقال سبحانه:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾ (سورة الشورى).[32].
* قال ابن تيمية: «والله لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثل له، بل له المَثل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال، فالخالق أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص، فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزّهًا عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم، فالخالق أولى أن يُنزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت موافقة في الاسم» [40].
[عدل] دلالة أسـماء الله الحسنى
[عدل] الدلالة العَلَمية
وهي الدلالة على العَلَمية, فكل أسماء الله الحسنى تدل على علم واحد, فهي أعلام باعتبار دلالتها على الذات، مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله عز وجل[41].
[عدل] الدلالة الوصفية
وهي الدلالة على كمال الوصفية, وهي تؤخذ من كل اسم من أسماء الله الحسنى بعينه، باعتبار ما دلت عليه من المعاني، متباينة لدلالة كل اسم من أسماء الله الحسنى على معناه الخاص, وتنقسم إلى قسمين دلالة وصفية خاصة ودلالة وصفية عامة.
[عدل] الدلالة الوصفية الخاصة
وهي الدلالة على كمال الوصفية وخصوصيتها, فهي تؤخذ من أسماء الله الحسنى التي تدل على معاني لا يصح أن تطلق إلا على الله كالمتكبر والجبار.
* عن أبي هريرة عن هناد قال:« قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار» [42].
[عدل] الدلالة الوصفية العامة
وهي الدلالة على كمال الوصفية وعموميتها, فهي تؤخذ من أسماء الله الحسنى التي تدل على معاني يمكن أن تطلق على غير الله كالكريم والرحيم دون مشابهة أو تمثيل.
* قال الله في القرآن ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾ (سورة الشورى).
[عدل] الدلالة اللفظية
يدل كل اسم من أسماء الله الحسنى على الذات والصفات دلالة مطابقة، ويدل على الذات وحدها أو على الصفة وحدها دلالة تضمن. ويدل على الصفة الأخرى اللازمة لتلك المعاني دلالة التزام. وتنقسم الدلالة اللفظية إلى ثلاثة أقسام :
1. دلالة المطابقة:وذلك بدلالة الاسم على جميع أجزائه «الذات والصفات» دلالة اللفظ على كل معناه ويعطي اللفظ جميع ما دخل فيه من المعاني لأن اللفظ طابق المعنى من غير زيادة ولا نقصان.
2. دلالة التضمن:وذلك بدلالة الاسم على بعض أجزائه «الذات وحدها والصفات وحدها».
3. دلالة التزام:وذلك بدلالة الاسم على غيره من الأسماء أو الصفات التي تتعلق تعلقًا وثيقًا بهذا الاسم وإن كانت خارجة عنه.
* مثال ذلك: اسم (الرحمن) يدل على الذات وحدها وعلى الرحمة وحدها دلالة تضمن، وعلى الأمرين دلالة مطابقة، ويدل على الحياة الكاملة، والعلم المحيط، والقدرة التامة ونحوها دلالة التزام لأنه لا توجد الرحمة من دون حياة الراحم وقدرته الموصلة لرحمته، للمرحوم وعلمه به وبحاجته.
[عدل] الدلالة المعنوية العقلية
هي خاصة بالعقل والفكر الصحيح؛ لأن اللفظ بمجرده لا يدل عليها وإنما ينظر العبد ويتأمل في المعاني اللازمة لذلك اللفظ الذي لا يتم معناها بدونه وما يشترط له من الشروط، [43] فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها فهي قائمة به، وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود أو ممكن الوجود، وكونه عينا قائما بنفسه أو وصفا في غيره [44].
[عدل] هل هي من أسماء الله الحسنى ؟
دار خلاف بين علماء المسلمين حول إدراج بعض الأسماء الواردة في القرآن أو في أحاديث محمد الرسول محمد ضمن أسماء الله الحسنى, وذلك بسبب طريقة ورودها, حيث أن منها ماورد على وجه الإضافة أو التقييد أو على وجه الإخبار أو الأسماء الجامدة, فمنهم من أدرجها ضمن أسماء الله الحسنى ولم يدرجها آخرون.
[عدل] الأسماء الجامدة
[عدل] ليست من أسماء الله الحسنى
أكثر أقوال علماء المسلمين يشير إلى أن الأسماء الجامدة ليست من أسماء الله الحسنى : فليس من أسماء الله الحسنى الدهر، والشيء ونحو ذلك، لأن هذه الأسماء لا تتضمن معنى يلحقها بالأسماء الحسنى فالأسماء الحسـنى أعلام وأوصاف، ولأن الله تعـالى لم يَتسَم بها ولم يُسمـه بها رسوله.
* جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما) [45]
* جاء في صحيح البخاري عن أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار)[8]
فهذا الحديث قد يفهم منه أن «الدهر» اسم من أسماء الله الحسنى، وهو ليس كذلك. فهو أولاً: اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى [46]. وثانيًا: إن اسم الدهر اسم للوقت والزمان عادي[46]. .
* قال أبو سليمان الخطابي: « كانت الجاهلية تضيف المصائب والنوائب إلى الدهر الذي هو من الليل والنهار وهم في ذلك فرقتان فرقة لا تؤمن بالله تعالى ولا تعرف إلا الدهر الليل والنهار اللذان هما محل للحوادث وظرف لمساقط الأقدار فتنسب المكاره إليه على أنها من فعله ولا ترى أن لها مدبرا غيره وهذه الفرقة هي الدهرية الذين حكى الله عنهم في قوله وما يهلكنا إلا الدهر الآية وفرقة تعرف الخالق وتنزهه من أن تنسب إليه المكاره فتضيفها إلى الدهر والزمان وعلى هذين الوجهين كانوا يسبون الدهر ويذمونه فيقول القائل منهم يا خيبة الدهر ويا بؤس الدهر فقال صلى الله عليه وسلم لهم مبطلا ذلك لا يسبن أحد منكم الدهر فإن الله هو الدهر يريد والله أعلم لا تسبوا الدهر على أنه الفاعل لهذا الصنيع فالله تعالى هو الفاعل له فإذا سببتم الذي أنزل بكم المكاره رجع السب إلى الله تعالى وانصرف إليه »[47]
* قال أبو محمد بن أبي جمرة « لا يخفى أن من سب الصنعة فقد سب صانعها فمن سب نفس الليل والنهار أقدم على أمر عظيم بغير معنى ومن سب ما يجري فيهما من الحوادث وذلك هو أغلب ما يقع من الناس وهو الذي يعطيه سياق الحديث حيث نفى عنهما التأثير فكأنه قال لا ذنب لهما في ذلك وأما الحوادث فمنها ما يجري بوساطة العاقل المكلف فهذا يضاف شرعا ولغة إلى الذي جرى على يديه ويضاف إلى الله تعالى لكونه بتقديره فأفعال العباد من أكسابهم ولهذا ترتبت عليها الأحكام وهي في الابتداء خلق الله ومنها ما يجري بغير وساطة فهو منسوب إلى قدرة القادر وليس لليل والنهار فعل ولا تأثير لا لغة ولا عقلا ولا شرعا وهو المعنى في هذا الحديث »[48]
[عدل] من أسماء الله
لم يشترطه علي بن حزم الأندلسي وغيره من الظاهرية أن الأسماء الجامدة ليست من أسماء الله الحسنى, فقد أخذ الحديث على ظاهره, ولذا ذكر من بين الأسماء الحسنى اسم "الدهر". ورد عليه كثير من علماء المسلمين الذين يعدون الأسماء الجامدة ليست من أسماء الله الحسنى, من ذلك قول ابن كثير: (غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذا من هذا الحديث)[49]
[عدل] ماورد من الأسماء على وجه الإضافة أو التقييد
[عدل] لا يكون اسما بهذا الورود
ماورد من الأسماء مقيدًا في القرآن، فلا يكون اسمًا بهذا الورود : مثل اسم المحيط، فلم يرد إلا مقيدًا قال الله تعالى:
* (وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)) (سورة البقرة)
* (إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)) (سورة هود)
و اسم العالم، فلم يرد إلا مقيدًا قال الله تعالى:
* (وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)) (سورة الأنبياء)
* (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)) (سورة الأنبياء)
وكذلك إذا ورد في الكتاب والسنة اسم فاعل يدل على نوع من الأفعال ليس بعام شامل، فلا يعد من الأسماء الحسنى؛ مثل: الزارع، الذارئ، المسعِّر.[50]
[عدل] يكون اسما بهذا الورود
لم يشترط هذا الشرط كثير من العلماء المسلمين المجتهدين في معرفة أسماء الله الحسنى منهم
* ابن حجر فقد عد من أسماء الله الحسنى أسماء وردت مقيدة مثل " الحافظ والحسيب ".[51]
* ابن عثيمين فقد عد من أسماء الله الحسنى أسماء وردت مقيدة مثل "العالم والحافظ والمحيط" وتردد في إدخال اسم الحفي، ولم يشترط الإضافة ولا التقييد.[52]
* عبد المحسن العباد فقد عد من أسماء الله الحسنى أسماء وردت مقيدة مثل "الهادي والحافظ والكفيل والغالب والمحيط" ولم يشترط الإضافة ولا التقييد.[53]
* عبد الله صالح الغصن فقد عد من أسماء الله الحسنى أسماء وردت مقيدة مثل "العالم والهادي والمحيط والحافظ والحاسب" ولم يشترط الإضافة ولا التقييد.[54]
[عدل] ماورد على وجه الإخبار لا على وجه تسمية الله
[عدل] ليست من أسماء الله الحسنى
* يقول ابن القيم الجوزية : « الفعل أوسع من الاسم ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالا لم يتسم منها بأسماء الفاعل كأراد وشاء وأحدث ولم يسم بالمريد والشائي والمحدث كما لم يسم نفسه بالصانع والفاعل والمتقن وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء وقد أخطأ أقبح خطأ من اشتق له من كل فعل اسما وبلغ بأسمائه زيادة على الألف فسماه الماكر والمخادع والفاتن والكائد ونحو ذلك وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنه يخبر عنه بأنه شيء وموجود ومذكور ومعلوم ومراد ولا يسمى بذلك »[55].
* يقول ابن تيمية: «ويفرق بين دعائه والإخبار عنه، فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى؛ وأما الإخبار عنه: فلا يكون باسم سيئ؛ لكن قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيئ، وإن لم يحكم بحسنه. مثل: اسم شيء، وذات، وموجود... وكذلك المريد، والمتكلم؛ فإن الإرادة والكلام تنقسم إلى: محمود ومذموم، فليس ذلك من الأسماء الحسنى بخلاف الحكيم، والرحيم والصادق، ونحو ذلك، فإن ذلك لا يكون إلا محمودًا» [56]
[عدل] من أسماء الله الحسنى
لم يشترط هذا الشرط بعض العلماء المسلمين المجتهدين في معرفة أسماء الله الحسنى منهم
البيهقي وابن منده والقرطبي حيث أدرجوا ضمن أسماء الله الحسنى أسماء مثل الصانع والذارئ والبادئ.
كذلك ابن الوزير فقد عد من أسماء الله الحسنى أسماء مثل الفاعل والمستمع والحاسب والمنزل والزارع والكاتب والمرسل.
بل تجاوز أيضا هذا الشرط ابن العربي فقد عد من أسماء الله الحسنى أسماء مثل المريد والمحب والمبغض والرضا والسخط والبالي والمبلي والمبتلي والفاتن.
[عدل] ماورد على سبيل الجزاء والمقابلة والعدل والعقاب
ورد في القرآن أفعال أطلقها الله تعالى على نفسه على سبيل الجزاء والمقابلة والعدل والعقاب ولم يتسم منها باسم, وقد إتفق علماء المسلمين بأنها ليست من أسماء الله الحسنى, كقول الله تعالى:
* (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)) (سورة الأنفال)
* (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)) (سورة التوبة)
* (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)) (سورة البقرة)
* (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)) (سورة الطارق)
* (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)) (سورة النساء)
قال ابن القيم: « ومن هنا يعلم غلط بعض المتأخرين وزلقة الفاحش في اشتقاقه له من كل فعل أخبر به عن نفسه اسماً مطلقاً فأدخله في أسمائه الحسنى، فاشتق له اسم الماكر، والخادع، والفاتن، والمضل، والكاتب، ونحوها من قوله: (وَيَمْكُرُ اللهُ) (سورة الأنفال: 30)، ومن قوله: (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (سورة النساء: 142)، ومن قوله: (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) (سورة طه: 131)، ومن قوله: (يُضِلُّ مَن يَشَاءُ) (الرعد: 27) (سورة النحل: 93) (سورة فاطر: 8)، وقوله تعالى: (كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَ) (سورة المجادلة: 21)، وهذا خطأ من وجوه:
* أحدها: أنه لم يطلق على نفسه هذه الأسماء، فإطلاقها عليه لا يجوز.
* الثاني: أنه أخبر عن نفسه بأفعال مختصة مقيدة، فلا يجوز أن ينسب إليه مسمى الاسم على الإطلاق.
* الثالث: أن إطلاق مسمى هذه الأسماءِ منقسم إلى ما يمدح فيه المسمى به، وإلى ما يذم به، فيحسن في موضع، ويقبح في موضع، فيمتنع إطلاقه عليه من غير تفصيل.
* الرابع: أن هذه ليست من الأسماء الحسنى التي يسمى بها, فلا يجوز أن يسمى بها فإن أسماء الرب تعالى كلها حسنى، كما قال تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (الأعراف: 180)، وهى التي يحب أن يثنى عليه ويحمد بها دون غيرها.
* الخامس: أن القائل بهذا لو سُمي بهذه الأسماء، وقيل له هذه مدحتك وثناءٌ عليك، فأنت الماكر الفاتن المخادع المضل اللاعن الفاعل الصانع ونحوها لما كان يرضى بإطلاق هذه الأسماء عليه ولم يعدها مدحة، ولله المثل الأعلى وتعالى عما يقول الجاهلون به علواً كبيراً.
* السادس: أن هذا القائل يلزمه أن يجعل من أسمائه اللاعن والجائي والآتي والذاهب والتارك والمقاتل والصادق والمنزل والنازل والمذموم والمدمر وأضعاف أضعاف ذلك، فيشتق له اسماً من كل فعل أخبر به عن نفسه، وإلا تناقض تناقضاً بيناً، ولا أحد من العقلاءِ طرد ذلك، فعلم بطلان قوله والحمد لله رب العالمين. »[57]
وقال حافظ حكمي: (قد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله عز وجل على نفسه على سبيل الجزاء العدل والمقابلة وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال لكن لا يجوز أن يشتق له تعالى منهما أسماء ولا تطلق عليه في غير ما سيقت فيه من الآيات كقوله تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142))(سورة النساء) وقوله (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)) (سورة آل عمران) وقوله تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)) (سورة التوبة) وقوله تعالى *(وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)) (سورة البقرة) ونحو ذلك فلا يجوز أن يطلق على الله تعالى مخادع ماكر ناس مستهزئ ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه ولا يقال الله يستهزئ ويخادع ويمكر وينسى على سبيل الإطلاق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا)[58]
[عدل] إحصاء أسماء الله الحسنى
تعددت عند علماء المسلمين أراء وتفسيرات وطرق إحصاء أسماء الله الحسنى على النحو التالي :
1. إحصاء عددها : قال أبو سليمان الخطابي: الإحصاء في مثل هذا يحتمل وجوها: أحدها أن يعدها حتى يستوفيها يريد أنه لا يقتصر على بعضها لكن يدعو الله بها كلها ويثني عليه بجميعها فيستوجب الموعود عليها من الثواب.، وقال النووي قال البخاري وغيره من المحققين: معناه حفظها، وهذا هو الأظهر لثبوته نصا في الخبر. وقال في "الأذكار" هو قول الأكثرين. وقال ابن الجوزي: لما ثبت في بعض طرق الحديث: "من حفظها" بدل "أحصاها" اخترنا أن المراد العد أي من عدها ليستوفيها حفظا. قلت: وفيه نظر، لأنه لا يلزم من مجيئه بلفظ حفظها تعين السرد عن ظهر قلب، بل يحتمل الحفظ المعنوي.[59]
2. الإطاقة : المراد بالإحصاء الإطاقة كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} ومنه حديث: "استقيموا ولن تحصوا" أي لن تبلغوا كنه الاستقامة، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه بواجبها فإذا قال: "الرزاق" وثق بالرزق وكذا سائر الأسماء.[59]
3. الإحاطة بمعانيها : المراد بالإحصاء الإحاطة بمعانيها من قول العرب فلان ذو حصاة أي ذو عقل ومعرفة انتهى ملخصا. وقال القرطبي: المرجو من كرم الله تعالى أن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحة النية أن يدخله الله الجنة، وهذه المراتب الثلاثة للسابقين والصديقين وأصحاب اليمين.[59]
4. معرفتها : معنى أحصاها عرفها، لأن العارف بها لا يكون إلا مؤمنا والمؤمن يدخل الجنة، وقال أبو العباس بن معد: يحتمل الإحصاء معنيين أحدهما أن المراد تتبعها من الكتاب والسنة حتى يحصل عليها، والثاني أن المراد أن يحفظها بعد أن يجدها محصاة. وقال النوويُّ: "قال البخاري وغيره من المحققين. معناه حفظها، وهذا هو الأظهر لثبوته نصا في الخبر، وهو قول الأكثرين" [60].
5. الاعتقاد بها : معناه عدها معتقدا، لأن الدهري لا يعترف بالخالق. والفلسفي لا يعترف بالقادر [59]
6. أن يريد بها وجه الله وإعظامه : ابن عطية: معنى أحصاها عدها وحفظها، ويتضمن ذلك الإيمان بها والتعظيم لها والرغبة فيها والاعتبار بمعانيها.
7. العمل بها : فإذا قال: "الحكيم" مثلا سلم جميع أوامره لأن جميعها على مقتضى الحكمة وإذا قال: "القدوس" استحضر كونه منزها عن جميع النقائص، وهذا اختيار أبي الوفا بن عقيل. وقال ابن بطال: طريق العمل بها أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم فإن الله يحب أن يرى حلاها على عبده، فليمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها، وما كان يختص بالله تعالى كالجبار والعظيم فيجب على العبد الإقرار بها والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد نقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد نقف منه عند الخشية والرهبة، فهذا معنى أحصاها وحفظها، ويؤيده أن من حفظها عدا وأحصاها سردا ولم يعمل بها يكون كمن حفظ القرآن ولم يعمل بما فيه، وقد ثبت الخبر في الخوارج أنهم يقرءون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، وقال الأصيلي: ليس المراد بالإحصاء عدها فقط لأنه قد يعدها الفاجر، وإنما المراد العمل بها. وقال أبو نعيم الأصبهاني: الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التعداد، وإنما هو العمل والتعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها.[59]
8. حفظ القرآن :لكونه مستوفيا لها لقول الله تعالى (مافرطنا في الكتاب من شي)، فمن تلاه ودعا بما فيه من الأسماء حصل المقصود، فيكون معنى الحديث أن يقرأ القرآن حتى يختمه فيستوفي هذه الأسماء كلها في أضعاف التلاوة، فكأنه قال: من حفظ القرآن وقرأه فقد استحق دخول الجنة.5 [61]
9. كلاً مما سبق : روى ابن حجر في فتح البارئ (وهذا أرفع مراتب الإحصاء، وتمام ذلك أن يتوجه إلى الله تعالى من العمل الظاهر والباطن بما يقتضيه كل اسم، من الأسماء فيعبد الله بما يستحقه من الصفات المقدسة التي وجبت لذاته، قال فمن حصلت له جميع مراتب الإحصاء حصل على الغاية، ومن منح منحي من مناحيها فثوابه بقدر ما نال والله أعلم.) [59]
[عدل] عدد أسماء الله الحسنى
[عدل] ليس لها عدد محدد
يتفق أكثر علماء المسلمين بأن أسماء الله الحسنى ليس لها عدد معين ولا يمكن حصرها والإحاطة بها كاملة لأن منها ما أستأثر الله به في علم الغيب عنده ومنها مايفتح الله به على رسوله يوم القيامه وغيرها مما يستحيل على بشر أن يحصيه.
* جاء في مسند أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا) قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها فقال (بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)[13]
فما استأثر الله تعالى به في علم الغيب عنده، لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به.
* جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن عائشة قالت " فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول (اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) [62]
* جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي) [63]
* قال ابن القيم الجوزية: « "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة" لا ينفي أن يكون له غيرها والكلام جملة واحدة: أي له أسماء موصوفة بهذه الصفة، كما يقال: لفلان مائة عبد أعدهم للتجارة وله مائة فرس أعدهم للجهاد وهذا قول الجمهور، وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسماءه تنحصر في هذا العدد"» [64].
* قال النووي : « أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه - وتعالى - فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين؛ وإنما مقصـود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخـل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء» [65].
* قال أبو سليمان الخطابي: «فجملة «من أحصاها» مكملة للجملة الأولى وليست استثنائية منفصلة، ونظير هذا قول العرب: إن لزيد ألف درهم أعدها للصـدقة» [36]
* قال ابن تيمية في كتابة درء تعارض العقل والنقل: «والصواب الذي عليه الجمهور أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة) معناه: أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنة، ليس مراده أنه ليس له إلا تسعة وتسعون اسمًا. » [66]
* قال ابن القيم الجوزية: «إن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصرٍ؛ ولا تُحدُّ بعددٍ، فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ، كما في الحديث الصحيح: (أسألك بكلِّ اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك). » [67]
[عدل] محصورة في عدد معين
ما جـاء في الحـديث: «إن لله تعـالى تسعة وتسعين اسمًا» فقال ابن حزم: إنه لو جاز أن يكون له اسم زائد على العدد المذكور لزم أن يكون له مائة اسم، فيبطل قوله: "مائة إلا واحدا". وقال: وصح أن أسماءه لا تزيد على تسعة وتسعين شيئا، لقوله : "مائة! إلا واحدا" فنفى الزيادة وأبطلها [68].
[عدل] مناهج وطرق المسلمين في جمع أسماء الله الحسنى
1. منهج المعتمدين: يعتمد أصحاب هذا المنهج على الأسماء الواردة في روايات حديث أبي هريرة، وبالأخص طريق الوليد بن مسلم، عند الترمذي وطريق عبد الملك بن محمد الصنعاني وطريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان.
2. منهج المقتصرين: يقتصر أصحاب هذا المنهج على ما ورد من الأسماء بصورة الاسم فقط من القرآن أو من السنة أو من كليهما، ويتركون ما يؤخذ بالاشتقاق أو بالإضافة.
3. منهج المتوسعين: وهم الذين إشتقوا من كل صفة وفعل اسما ولم يفرقوا بين باب الأسماء وباب الصفات بل أن منهم من يُدخلون ما يتعلق بباب الإخبار أحيانا ويشتقون منها أسماء, ومن منهج المتوسعين ذكر المشتق والمضاف والمطلق من الأسماء.
4. منهج المتوسطين: جعلوا لأنفسهم شروطا لاشتقاق الأسماء من الصفات, ويقسمون الصفات إلى مايصح الاشتقاق منه ومالا يصح حسب شروط يضعها المجتهد في إحصاء أسماء الله الحسنى.
[عدل] اجتهادات في إحصاء أسماء الله الحسنى
إجتهد كثير من علماء المسلمين في إحصاء أسماء الله الحسنى منهم
تفاصيل أسماء المجتهدين
الرمز التفاصيل
الوليد رواية الوليد بن مسلم, أدرجها ضمن حديث "إن لله تسعة وتسعين اسمًا" عند الترمذي [69]
الصنعاني رواية عبد الملك الصنعاني, أدرجها ضمن حديث "إن لله تسعة وتسعين اسمًا" عند ابن ماجة [70]
ابن الحصين رواية عبد العزيز بن الحصين, أدرجها ضمن حديث "إن لله تسعة وتسعين اسمًا" عند الحاكم [71]
ابن منده محمد بن إسحاق بن منده,أورده في كتابه التَّوحيد,الجزء الثاني [72]
ابن حزم أبي محمد علي بن أحمد بن حزم,أورده في كتابه المحلى [73]
ابن العربي أبي بكر محمّد بن عبد الله القرطبي المشهور بابن العربي المالكي,أورده في كتابه أحكام القرآن [74]
ابن الوزير محمد بن المرتضى اليماني لمعروف بابن الوزير, في كتابه إيثار الحقِّ على الخلق [74]
ابن حجر أحمد بن علي بن حجر العسقلاني,في كتابه فتح الباري [74]
البيهقي أبو بكر أحمد ابن الحسين البيهقي,أدرجها ضمن كتابه الأسماء والصِّفات [74]
ابن عثيمين محمد بن صالح بن عثيمين , في كتابه القواعد المثلَى [74]
الرضواني محمود عبدالرازق الرضواني,أدرجها ضمن كتابه أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة ,دار الرضوان,مصر,2004م [74]
الغصن عبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن,أدرجها ضمن كتابة أسماء الله الحسنى,دار الوطن,1417هـ [75]
بن ناصر عبد العزيز بن ناصر الجليل,أدرجها ضمن كتابه (ولله الأسماء الحسنى) ,دار طيبة,الطبعة الثانية,2008م [76]
بن وهف سعيد بن علي بن وهف القحطاني, في كتابه شرح الأسماء الحسنى في ضوء الكتاب والسُّنَّة.[77]
العباد عبد المحسن العباد,أدرجها في كتابه قطف الجني الداني [78]