عصا جدتي

عصا جدتي قصة تحاكي النكبة
في طفولتها كانت الحياة مختلفة فالاشجار جميلة ورائحة التربة عطرة وكل الطرق تحفظها عن ظهر قلب , عندما كانوا يلعبون لعبة الإختباء (الغماية في لهجتنا الفلسطنية الدارجة ) كانت دائما تنجح في اكتشاف أماكنهم فتجدهم بحواسها وإحساسها ,حيث أن الارض لا تخفي عنها شيئا, استيقظت يوما فإذا بها تعيش في العراء تحيط بها الخيام شعرت بمرض صاعق مفاجىء وكأنها تنام فيفزعها كابوس مرعب فهي تحاول إيجاد أصدقائها لكنها تفشل مرة تلو الأخرى ,والأرض صامتة لا صوت لها ,بدأت تنادي بصوتها الطفولي العذب ولكن لا مجيب .حتى هم لايريدون الإجابة؟! فكرت وحار فكرها كثيرا.

أين الأشجار الخضراء ؟لماذا أمشي هنا وأضيع ,لماذا لا أعرف الطرق !! لماذا لا أجدكم ؟! أحست بدوار سقطت أرضا ,بدأت الأشكال والأماكن تختفي , صوت بعيد ناداها لكنها فشلت في تحليل النداء و الكلام وغابت في نوم عميق , مرت الأيام ومضت فاستيقظت من جديد لتجد نفسها تعيش في بيت ملاصق لبيوت صغيرة تمتد بينها ممرات ضيقة وحارات تخلو من كثير من مقومات الحياة , غضبت فقدت صوابها كرهت الدنيا بأسرها, فلا أمل فيها أين ذكريات طفولتها , الاشجار الجميلة حرقت رغم أن جذورها ما زالت متمسكة بتراب الوطن.

أدركت أخيرا أنها وأهلها في نكبة فأرضها بعيدة هجرتها افراح الربيع اغرورقت عيونها بدموع حزن دفينة ,هي الآن لا تقوى على الركض وتستند في مشوايرها الحزينة إلى عكاز أو عصا تحدق فيها طويلا وتسافر بابتسامة صفراء معذبة لصفحاتها الجميلة ثم تلتفت بتجاعيد حنونة لحفيدها الذي لايكاد يفارقها قائلة : هذه العصا من زيتونة كانت تختبىء خلفها سعاد فأباغتها بكشف مكانها فضحك حفيدها وتساءل فيما اذا بامكانه ابدال عصا جدته بعصا جديدة من عند النجار فأجابته بثقة وهي تتلمس بيديها عصاها وكأنها ولدت لتعيش وتموت معها : لا يمكنني ذلك فهذه ليست عصا عادية إنها من زيتونة سعاد إنها من تراب الذكرى إنها من تلك الارض من الجنة الجميلة الخضراء فهل أبدل افراحي بأحزان دائمة ؟؟لكن الحفيد الشقي جذب العصا بقوة من يد جدته وأخذ يركض بها ويدور حول جدته ثم ركض بعيدا تاركا جدته جالسة على حافة الطريق ثم عاد وجلس بحضن جدته وهو يبتسم ببراءة هامسا بأذنها: لا تحزني يا جدتي فأنا سأذهب وأصدقائي إلى زيتونة سعاد لأحضر لك عصا جديدة خضراء فقبلت الجدة حفيدها وهي تمسح دمعة مختلطة الاحزان بالافراح : نعم يا عيون جدتك أنا أثق بك وبعودتك وبزيتونة سعاد فهي تنظرنا لنستظل بظلها ولنتدوى بزتيها ولأستند لعصيها الطيبة الذكر والمنشأ فأمسك الحفيد بيد جدته وهو يردد أحبك يا عصا جدتي.

[center] اطلالتك تكفيني [/center]

يسلموا دياتك حجة على الموضوع

غاية بلورعه

الله يرحم جميع المسلمين يا رب

الله يسلمك يا حجي قيصر